2024/01/03

استمتعوا بالقهوة

في إحدى السنوات بعد أن تخرجنا من الجامعة، جاءتنا دعوة من جدي للغداء. التقينا عنده في  منزله وكنا إحدي عشر حفيدا ، جدتي تساعدها أمي فهي الأبنة الكبري لجدي وزوجة خالي التي كانت تقيم معهم بالدور العلوي، في تجهيز الغداءوكانت ليلة جميلة سمعنا من جدي وهو ناصحا ويقول:لا يفتقدك الا من وجد الدنيا فى غيابك غربة.ولا يشتاق إليك من حاول الاستغناء عنك وفشل.ولا يحبك بحق إلا  من جعل سعادتك أولى أولوياته وحزنك أبعد مستحيلاته.  ولا يسامحك إلا من يريد الاحتفاظ بك ويأبى خسارتك. تناولنا الغداء وتثامرنا بأطراف ما سمعنا من الحديثثم أنطلقنا كل منا الي حياته فمنا من غادر مقاعد الدراسة للتوي ومنا من كان يبحث عن عمل ومنا من يعمل وكانت الأيام تمر،والأمور عادية.بعد عدت سنوات من اللقاء الأول وبعد أن حققنا نجاحات كبيرة في حياتنا العملية ،ونال منا البعض أرفع المناصب وحققنا الاستقرار المادي والاجتماعي، ولكن الأمور لم تكن مثل سابقتها، فكان كل منا له وجهة نظره في الحياة. جاءتنا دعوة جديدة من جدي لتناول القهوة معه. كان جدي قد كبر في السن ولا يفارق المنزل هو وجدتي، وكانا لا يغادران المنزل إلا لمراجعة الطبيب وبعد إستقبال جدي لنا  بعبارات التحية والمجاملة.طفق كل منا يتأفف من ضغوط العمل، والحياة التي تسبب لنا الكثير من التوتر. غاب جدي وجدتي عنا قليلا، ثم عاد جدي يحمل أبريقاً كبيرا من القهوة، وعادت جدتي إلينا بأكواب من جميع الأنواع والأشكال والألون، فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال، تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن ، بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي تجده في أفقر البيوت.قال : جدي لنا تفضلوا. وليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة. وعندما بات كل واحد منا  ممسكا بكوب تحدث إلينا جدنا، بخبرته في الحياة.قال : هل لاحظتم ان الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها اختياركم، وأنكم تجنبتم الأكواب العادية ؟فمن الطبيعي ان يتطلع الواحد منكم الى ما هو أفضل. وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر، فهل تدرون ما كنتم بحاجة اليه. والجميع صامت يستمع ثم استمر يقول فعلا هو القهوة وليس الأكواب.لكنكم توحدت رؤياكم على الأكواب الجميلة الثمينةوبعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين.ثم استكمل وقال لو كانت الحياة هي : القهوة !فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكوابوهي بالتالي مجرد أدوات وصحون تحوي الحياة ونوعية الحياة.(القهوة) تبقى نفسها لا تتغير وعندما نركز فقط على الأكواب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة، في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون،،،،،،،،،،،،،،،،،،وبالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين، وبدل ذلك أنصحكم.(((( بالاستمتاع بالقهوة ))))فهناك نوع من الناس لا يحمد الله على ما هو فيه، مهما بلغ من نجاح، لأنه يراقب دائما ماعند الآخرين. يتزوج الرجل بامرأة جميلة ذات خلق ، ولكنه يظل معتقدا أن غيره تزوج بنساء أفضل من زوجته.ينظر الى البيت الذي يقطنه ويحدث نفسه أن غيره يسكن في بيت أفخم وأرقى منه.هذا يحرم نفسه من  الاستمتاع بحياته مع أهله وذويه ، ويظل يفكر بما لدى غيره ويقول : ليس لدي ما لديهم !!!!قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:(من بات آمناً في سربه، معافاً في بدنه، يملك قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها).وقال أحد الحكماء:"عجبا للبشر!! ينفقون صحتهم في جمع المال فإذا جمعوه أنفقوه في استعادة الصحة، يفكرون في المستقبل بقلق وينسون الحاضر فلا استمتعوا بالحاضر ولا عاشوا المستقبل،ينظرون إلى ماعند غيرهم ولا يلتفتون لما عندهم فلا هم حصلوا على ما عند غيرهم ولا استمتعوا بما عندهم، خلقوا للعبادة وخلقت لهم الدنيا ليستعينوا بها فانشغلوا بما خلق لهم عما خلقوا له"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق